يبدو انه بطغيان موجة الأي كلام التي صاحبت تلك السنوات العجاف والتي شهدت أكبر حالة من التدهور الأخلاقي بعد الخروج من شرنقة الكبت والإستخدام الخاطئ العشوائي لمفهوم الحرية قد تمت تهيئة المناخ الخصب للتربح واعتلاء المناصب والدرجات العلمية الزائفة .
فقد سلكت تلك الموجة طريقاً آمناً للخداع والتلاعب بمشاعر الكثيرين من خلال إقامة الفعاليات والمنتديات والمهرجانات التي ترضي جميع الأذواق ، تحت مسميات رنانة ورعاية تبدوقانونية في ظاهرها وليست في باطنها أكثر من عملية نصب مستتر للإستفادة والمنفعة .
وقد اتخذت تلك الفعاليات عدة أشكال :
• (فمنها المصبوغ بصبغة الوطنية وحب مصر )
• والذي يجذب أكبر قطاع من أصحاب النوايا السليمة من الوطنيين المحبين لبلادهم والذين تستهويهم أية فعاليات تحمل عنوان في حب مصر !
أما عن هؤلاء الذين يقيمون تلك الفعاليات وينتظرون أي تصريح من الرئيس خاص بأي ملف أوموضوع لإطلاق الحملات والمؤتمرات والإئتلافات التي تحمل نفس المسمي وبكل أسف يزجون باسم سيادته لإكساب السبوبة مصداقية وشرعية لا علاقة للرئيس بها ولا هومسؤول عنها بأي شكل من الأشكال !
ومنها ( المهرجانات الفنية والإبداعية ): تلك التي انتشرت بكثافة وتحت عدة مسميات أيضاً ترضي جميع الأذواق وتحقق كافة الأماني للباحثين عن الشهرة والتكريمات والميداليات في كافة المجالات !
وعن تلك الكارثة التي تعتمد علي مجموعة من الرعاة للإعلان وتغطية التكاليف وتقديم الدعوات للكثير من الشخصيات العامة إعلامياً وفنيا ورياضياً ومع تطورات السنتين الأخيرتين انضم إلي تلك القائمة المتميزين والمبدعين في شتي المجالات لتوسيع دائرة جماهير المهرجان أو الفعالية ، مع طبع مجموعة من الشهادات وشراء مجموعة من الدروع واستغلال اسم يبدوشرعي لإضفاء بعض المصداقية لجذب المشاهير بحجة تكريمهم من خلال حدث كبير ، وهذا ما يسعد ويرضي أي متميز في مجاله أن يتم تقديره والإحتفاء به .
ولم يقتصر الأمر علي هذا الحد ولم تقف المهزلة عند مسألة الخداع وبعض الكلمات الرنانة المطبوعة علي شهادة فحسب ، بل أصبحت هناك كارثة بكل المقاييس لابد من التدخل لوقفها علي الفور ، وهي منح شهادات (الدكتوراة الشرفية) من عدد من الجامعات الخاصة بمقابل مادي عظيم للباحثين عن لقب دكتور ووضع (د.) قبل اساميهم بكروت الدعاية الخاصة بهم أوعلي صفحاتهم بوسائل التواصل الإفتراضي الوهمي ، والذي قد تجد به للكثير من الأصدقاء صفحة كاملة مكتظة بالألقاب والمناصب مثل ( سفير السلام العالمي ، دكتور فلان ، مؤسس حركة كذا أوصاحب مبادرة كذا ) وغيرها الكثير من الألقاب والمسميات التي غالباً ما تفقد هذا الشخص هيبته ومصداقيته لدي كل من له عقل برأسه بعيدا عن المحدثين السُذج الذين قد يبهرهم هذا (السي في) العظيم الذي إن بحثت عن مصداقيته فسوف يسفر عن لا شيء!
لا أقلل من شأن بعض المستحقين للقب شرفياً من جهة محترمة تقديراً حقيقياً لإسهاماتهم بأي مجال ، ولكن شتان بين هذا ومن يدفع ليصيط نفسه ويخدع من حوله بلقبٍ زائف !
كما زاد الأمر تعقيداً ، بزوغ نجم عملية نصب جديدة في هذا الشأن ، فقد تمت دعوة عدد ضخم من الشخصيات العامة الفنية والإعلامية من مصر والدول العربية للتكريم تحت مسمي رنان مكتسب صفة شرعية وبالفعل قد استجاب عدد لا بأس به من هذه القامات للحدث علي اعتبار الثقة والمصداقية ، وفي آخر لحظة وقبل إقامة الحدث المزمع أنه ضخم علي أرض إحدي أعرق الأماكن الثقافية بمصر تم الإلغاء بأعذار أعتقد أنها وهمية !
إذ عرفت من باب الصدفة أن السادة المنظمين قد طرحوا للجمهور تذاكر باهظة الثمن لحضور المهرجان والجلوس بجانب المشاهير المصريين والعرب !
فلم يكتف السادة المنتفعين الذين لا تجد أحد منهم إلا وحمل لقب الدكتور أوالدكتورة بالمكسب المعقول عن طريق الرعاة والإعلانات وخلافه، لكنهم قد ابتكروا ما هوأحدث لمضاعفة المكسب المادي أضعاف عن طريق التذاكر الجماهيرية المدفوعة !
أكاد أجزم أن هذه الشراذم التي طفت علي سطح المجتمع المصري قد استغلت فرصة انشغال الدولة بكافة مؤسساتها في الخروج من عنق الزجاجة وتنفيذ مخططات الإصلاح الإقتصادي ومحاربة الإرهاب وملاحقة المفسدين وغيرها من الأعباء الثقيلة التي لا تحتمل المزيد .
نهاية : أناشد كل مصري مخلص غيور علي وطنه ألا ينخدع بمثل هذا الزيف وإن صادفه هنا أوهناك فلابد أن يبلغ المسؤولين ويفضح هؤلاء المتلاعبين .
كما أناشد الجهات الرقابية المنوط بها متابعة مثل هذه الفعاليات والمهرجانات والمؤتمرات للتحقق من أهدافها ووضع قيود وشروط صارمة للسماح بها في ضوء عدم الإساءة والإستغلال .